تحرير الأفلام - المونتاج؛ العُنصر المفقود من الحياة

ينزل الرجل إلى الشارع ليقف أمام أحد السيارات، ينظر له السائق ثم يركض نحوه ليفتح له الباب وهو يقول: “صباح الخير يا سعادة البيه”، يرد الرجل: “صباح الخير يا عم محمد”، يدخل إلى السيارة ويغلق السائق الباب *قطع* وصلت السيارة إلى مكان العمل لينزل السائق سريعًا ليفتح الباب وهو يقول: “حمدلله على السلامة يا سعادة البيه”. يستحيل أن ترى هذا المشهد التخيُّلي في الحياة بهذا القطع، فلا يوجد في رحلة الحياة ما يمكن قطعه وإلصاقه بمشهد آخر، فالمشاهد في الحياة متتالية/ متتابعة ولا يمكن فصلها عن بعضهم البعض، وهذا م

تاريخ الرقابة على السينما العالميّة؛ الإبداع في مواجهة مقص الرقيب

جلست أشاهد أحد الأفلام الأجنبية المعروضة على إحدى القنوات العربية المشهورة. لا أتذكر الفيلم جيدًا لكنه كان فيلمًا رومانسيًا خفيفًا، في نهايته وقف البطل بالقرب من البطلة، ومال برأسه ثم إقترب منها أكثر، وما إن وضع يديه على رقبتها وهم بـ..*قطع*. سار البطل في الشارع وعلى وجهه إبتسامة. ما الذي حدث؟ قطعت الرقابة المشهد بكل بساطة لأنها رأت أنه غير مناسبًا للعرض على القناة ليراه الناس. من هذه الزاوية، بدأت فكرة الرقابة على الأفلام. عام 1896 صوّر “توماس إديسون” المخترع الشهير فيلمان “The kiss” و”Fatima’

محسن محي الدين ويوسف شاهين؛ نهاية الحلم وبداية الكابوس

جملة من أوبريت “إهتفوا باسم الإله” من فيلم “إسكندرية كمان وكمان (1990)” يمكنها تلخيص زاوية الرؤية التي ينظر منها المخرج لممثله المفضل. شابٌ في أواخر فترات المراهقة، يدخل إلى مكتب المخرج الكبير بثقة، لينظر في عينيه، فيسأله المخرج بعد أن أخفض نظاراته الطبية قليلًا لينظر له من فوقها، أن يأتي باثنان من أصحابه، ليمثلوا معه. يقول الممثل الذي كان مراهقًا في ذلك الوقت، أن المخرج الكبير أُعجب بحَب الشباب الذي كان يظهر على وجهه وقتها، وهي تفصيلة ذكية لما أراده المخرج الكبير. عاد الممثل الشاب ومعه اثنان

الالوان في السينما والوصف بلا كلمات

في إحدى دور العرض السينمائية، جلس رجلان في الكراسي الأمامية. مال إحداهما على الآخر وقال: “هل سمعت بالخبر؟ سيُدخِلون الألون على الصور المتحركة!”. دُهش الرجل لسماع مثل هذا الخبر، هل حقًا سيختفي الأبيض والأسود؟ لماذا يريدون إفساد كل شيء؟ تتحدث جماعة السينما الآن بشكلٍ سخيف، لدينا كل شيء؛ من الصورة إلى الحوار إلى التمثيل المُتقن إلى الدعابات والحركة التي تضيف المتعة، فماذا ستضيف الألون إلى الصورة؟! أصعب شيء أن تصف ما لا يمكن وصفه، كيف يمكنك أن تصف لأحد الأشخاص ما هو اللون الازرق أو الأحمر، أمر صعب

جاكي شان .. وكيف يمكن أن تمتزج الكوميديا بالأكشن

في منتصف السبعينات، واجهت صناعة السينما في هونج كونج إحدى أفظع كوابيسها، ففي يوم 20 يوليو من عام 1973، استيقظت هونج كونج على خبر موت بروس لي، والذي اعتبره الكثيرون أسطورة سينمائية الذي نقل سينما هونج كونج من كونها سينما محلية لسينما عالمية يشاهدها الجميع حول العالم. ظل السؤال يتردد في ذلك الوقت، ماذا بعد بروس لي؟ عام 1975، جاء “ويلي شان” -الذي كان يعمل في تلك الفترة صائدًا للمواهب- إلى “لو وي” مخرج فيلم Fist of fury – 1972، والذي كان يبحث عن وجه جديد لبطولة فيلمه الجديد New Fist of Fury، فأخبره

وودي آلن وسينما الحيرة والقلق..

شاشةٌ سوداء، وموسيقى جاز تُعزَف في الخلفية، تظهر الاسماء بشكلٍ متتابع، ثم تنتهي إلى اسم واحد فقط يظهر في النهاية، وودي آلن.. في أحد مشاهد فيلم Hannah and Her Sisters المعروض عام 1986، يذهب وودي آلن إلى الطبيب بسبب شعوره أنه أصبح لا يسمع جيدًا عن طريق أذنه اليمنى. بدأ الدكتور في الفحص، وسأل وودي عن ما إذا كان يشعر بزنه خفيفة في أذنه، فقال وودي أنه يشعر بذلك فعلًا، فنصحه الطبيب بعمل اشعة مقطعية على المخ لمعرفة السبب. ولأن وودي آلن هو “شعور بالقلق يمشي على الأرض”، فقد شعر بأنه أصيب بورم في المخ أ

"ما وراء الإنتاج": كيف تؤثر إنتاجات نتفلكس على الدراما العربية؟

قبل بداية شهر رمضان الماضي عرضت القنوات إعلانات المسلسلات المنتظر عرضها مع بداية الشهر. في نفس الوقت أُعلن عن تطبيق "Watch it" لمشاهدة هذه المسلسلات بلا إعلانات مقابل 99 جنيه مصري شهريًا. وبعد الإعلان عن التطبيق وجد البعض طريقة لاختراقه وإنشاء حساب على موقعه مجانًا، ما دفع المسؤولين عنه إلى جعله مجاني حتى نهاية شهر رمضان. في الوقت ذاته كنت قد اشتركت في نتفلكس، وهي لمن لا يعلم خدمة مشاهدة للأفلام والمسلسلات عبر الإنترنت مقابل اشتراك شهري. وجدت في نتفلكس مهربًا من التليفزيون الذي آثرتُ على نفسي

كيف ساهم "الفك المفترس" في حماية أسماك القرش من الانقراض؟

يرتبط الصيف دومًا بزيارة الشواطئ هربًا من حرارة الجو، في نشاط عائلي أو رياضي قلما توجد بلدًا لا ترتكن إليه كنشاط رئيس خلال العطلات الصيفية، لكنه أصبح بفضل سلسلة أفلام Jaws أو ما يُعرف تجاريًا بـ"الفك المفترس"، موسمًا سينمائيًا مضمون الربح لأساطين الصناعة، بعد أن حصد الجزء الأول من الثلاثية ما يفوق 450 مليون دولار عند عرضه عام 1975، مدشنًا بذلك مصطلح Summer Blockbuster - أو أفلام الصيف التي تحقق إيرادات ضخمة، بعد أن حجز مقعده ضمن قائمة أنجح الأفلام الجماهيرية في تاريخ السينما الأمريكية والعالمية.

لماذا تعثرت سينما الرعب العربية؟

عقب انتهاء امتحانات الصف الأول الثانوي وفي بداية الإجازة الصيفية، ذهبت بصحبة بعض الأصدقاء إلى بيت صديق لنا حتى نجلس لعدة ساعات قبل التفكير في وجهتنا التالية. تحدثنا جميعًا عن الامتحانات وكراهيتنا للدراسة، وخوفنا من المستقبل القريب المرعب المُلقبّ بالثانوية العامة، وامسك صديقنا صاحب البيت في خط الرعب وسألنا "حد شاف فيلم Paranormal Activity؟". أُنتج الفيلم الأمريكي Paranormal Activity عام 2007 من تأليف وإخراج أورين بيلي، والذي نجح إلى حدٍ كبير في خلق حالة جديدة في تلك السنة، لدرجة إنتاج 5 أجزاء إ

دود الأذن.. لماذا تعلق الأغنية بعقلي ولا تخرج؟

في الطريق من البيت إلى العمل، قرر سائق الأجرة تشغيل أغنية من اختياره، لم أعر الأمر اهتمامًا، تصفحت فيسبوك وتويتر سريعًا والأغنية تدور حولي، وعندما وصلت إلى العمل، وجدت نفسي أردد لا إراديًا "صاحبي يا اللي نسيت عشرة زمان، مان مان مان" ولم أكن أعرف ماذا أردد ولماذا أردد هذه الجملة تحديدًا، فقررت البحث عنها، وعندما كتبتُها على جوجل جاء الرد بمئات الروابط، إحداها لمهرجان "صاحبي يا صاحبي" وعندما استمعت له كاملًا، لم يجذبني وأغلقته. بعد عِدة أيام، أثناء سيري في الشارع، وجدت نفسي أردد "صاحبي يا صاحبي

«بلوكباستر» هوليوود: هل انتهى زمن الأفلام «المُشبعة»؟ | منشور

شاهدتُ فيلم «Synecdoche, New York» (نيويورك، مجازًا) الصادر عام 2008، من تأليف وإخراج «تشارلي كوفمان»، منذ ما يزيد عن شهر، وحتى الآن لم أنسه، كونه ترك أثرًا كبيرًا في نفسي. لم أتوقف عن التفكير في سؤال: لماذا لم ينجح هذا الفيلم جماهيريًّا وقتها؟ أتذكر أني عام 2008 شاهدت أفلامًا مثل الجزء الأول من «Iron Man» و«Kung Fu Panda»، ولا أذكر لهما تأثيرًا على حالتي لا وقتها ولا الآن، فلماذا نجحا ولم ينجح «نيويورك، مجازًا»؟ ضربت الكارثة الاقتصادية أعمدة البورصة الأمريكية عام 2008، في ما عُرف بأحد أكبر ال

رحلة في عوالم داوود عبد السيد: شيء يشبه الواقع | منشور

يدخل المُشاهد حياة الشخصية الرئيسية في أفلام داوود عبد السيد من الدقائق الأولى، يتعرّف إليه من الجُمل الحوارية المُكثّفة، والتعبير البصري بعدسة عبد السيد الميكروسكوبية التي تلتقط التفاصيل. صداقة مرسي وصلاح في «الصعاليك» على سبيل المثال، جلسة «الجوزة» وحواديت الشيخ حُسني في «الكيت كات»، والمُنبّه وارتباط حياة يوسف كمال به في «البحث عن سيد مرزوق»، ونرجس ومحاولة تعلُّمها الإنجليزية استعدادًا للسفر في «أرض الأحلام». يخلق داوود عبد السيد عوالمه الموازية بعيدًا عن البيئة الواقعية الخاصة بأحداث أفلا

العالم محاكاة كمبيوتر: عرض ترومان المستمر

سنة 1998، صَدَر فيلم «عرض ترومان» أو The Truman show، من إخراج بيتر وير وبطولة جيم كاري. الفيلم بيحكي قصة شاب اسمه ترومان بيعيش حياة هادية جدًا، جيرانه وأصدقاءه وأهله كلهم ناس لطيفة، وهو بيشتغل شغل كويس وعايش في بيت جميل، يعني حياة تقترب من المثالية ويتمناها ناس كتير. لكن حياة ترومان بالنسبة له كان يشوبها بعض الشوائب، منها إنه عمره ما سافر برّه حيّز المدينة الصغيرة اللي بيعيش فيها، وعمره ما عام في البحر بحرية، والمرة الوحيدة اللي أبحر فيها مع والده وتعمّقوا في البحر، والده غرق بسبب عاصفة شديدة